التبغ تاريخ وحقائق
بسم الله الرحمن الرحيم
19 / 10 / 1442
التبغ
تاريخ، وحقائق مؤلمة
التطور المعاصر بين الإيجاب والسلب.
يمر عالمنا المعاصر اليوم بقفزات هائلة، تسابق الأنفاس، وتعجَز العقول عن استباقِها أو تصورِها، فما إن يقتنع العقل بثورة علمية، وقفزة تَقْنيَّة، حتى تأتيَ أختُها بأكبر منها وأوعب، وأسرع منها وأعجب، وفي كل يوم يَبِيْنُ للإنسان قولُ الحق سبحانه: ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ النحل: ٨ ، فكلُّ يوم هو سبحانه في شأن وتدبير، وخلق وتقدير، وكلُّ علم ناشئ في العصر الحديث فهو من مظاهر قوله عز من قائل: ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ العلق: ٥
وهذا التقدم المتسارع قلما تسلم العادات والتقاليد من التأثر به، إما نهوضًا ورفعة، أو قعودًا وخِسَّة، وأشدُّ ذلك التأثر إذا كان في دين المرء، فإن ضعف الديانة مصيبةٌ كبرى، ورزيةٌ عظمى، وما قدمته التقنية المعاصرة من خير للبشرية بيّنٌ واضحٌ، إلا أنها حملت في بعض طياتها تسهيلاً للشر، وتقريبًا للجريمة في اختلاف الأصعدة، مما حمل الأنفس الشريرة على ركوب موجة التقدم لحمل هجمات إجرامية على الناس، حتى اضطرت الدول لتنظيم قواعدَ وعقوباتٍ وتعزيراتٍ في سبيل مكافحة الجرائم.
الإدمان من مفرزات هذا التقدم.
ومما شكله هذا التقدم المتحور المتسارع: حالاتٍ صحية كانت نتاجَه وحاصَله، من مشاكل نفسية، وعقلية، وعضوية، ولدَّت عَطَلاً، وخُمُولاً، وتركًا للمصالح الدينية، والدنيوية، مما له الأثر البالغ على الأفراد والمجتمعات.
ولنفتح اليوم نافذةً من تلكم النوافذ الخطيرة التي جثمت على كثير من الناس، ولكن بشكل آخر، وبلون غير معهود: ألا وهي نافذة الإدمان.
إن إدمان الشيء معناه: أن يبقى الإنسان مقيدًا في أصفاده وأغلاله، يعجز عن التخلص منه، والرميِّ بنفسه عن براثنه وشرائكه، ولا ينقله إدمان الشي من حالة بائسة إلا إلى حالة أشدَّ بؤسًا وأشأم مصيرًا.
إدمان السجائر الالكترونية والعقاقير والمخدرات.
إن كلمة الإدمان ارتبطت في الجيل الأول بإدمان المخدرات، والتي هي آفة الآفات، وتبذير الأموال والممتلكات، وسبب التشتت وتعجيل المنيَّات، مع ضياع الأسر وهتك الأعراض، وانحلال الأبناء، وفقدان القدوة والاتزان، والأهم من ذلك كلِّه ضياعُ آخرة الإنسان مالم يتخلص من رقِّها، إلى التوبة والمعالجة.
فالكحول وإدمانها، والكوكايين وما تُوَلِّد من عنف وسطوة واكتئاب، والحشيش وصناعتُه لشبابٍ في أثوابٍ بليدة لامبالية، في ذاكرة ضعيفة، وتَخَلُّفٍ عن التفوق والنجاح، والبعد عن الإسهام في بناء جيل صاعد واعد.
أضف إلى هذه الأسرة المخدرة المشؤومة، أخًا مشؤومًا أشد انتشارًا، وأكثر تهوينًا وتساهلاً لدى الناس، ألا وهو: إدمان النيكوتين، القابعِ في عود الدخان والسيجارة: التقليدية، أو الالكتروينة والتي حملت أخطارًا مضاعفة، وسمومًا أشد ضراوة وفتكًا للرئة، من السيجارة التقليدية
يتسبب التدخين في قتل ما يقارب ستة ملايين إنسان سنويًا( )، وهو مرتبط مسؤول عن كثير من الأمراض والآفات، وصدق الله إذ قال: ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﭼ البقرة: ١٩٥، وقد حرم الإسلام كلَّ ما كان طريقًا للمهالك، سبيلاً للمعاطب والردى، قالت عائشة-رضي الله عنها-: "إن الله لا يحرم الخمر لاسمها، وإنما حرمها لعاقبتها" ( ).
اللهم سلمنا في أبداننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا في لباس الصحة والعافية طيلة أعمارنا
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله...
تاريخ وحقائق مؤلمة عن التبغ.
عندما وصل كريستوفر كوملبس إلى أمريكا عام 1492م، (اثنين وتسعين وأربعِمئة وألف) للميلاد كان من الجرائم التي نقلها العالم بعده: أنه وجد الهنودّ الحمر يدخنون نبات (الطُبّاق) فنقله إلى بلده، ثم عرفته أوروبا، ثم انتقل إلى العالم كله عن طريق الاستعمار( ).
وما هو نبات (الطُبّاق)؟
إنه المكون الرئيسي للسيجارة والتي تحتوي على النيكوتين، وتبلغ الجرعة المميتة (القاتلة) من هذا النبات نحو (2 جرام) أي نحو سيجارتين فقط، وقد يستغرب البعض من ذلك حيث إن بعض المدخنين يدخن نحو 40 سيجارة يوميًا دون أن يتسمم بالنيكوتين!؟
والحقيقة أن معظم النيكوتين الموجود في السيجارة يتم حرقه أثناء عملية التدخين ولا يصل الى الدم، ولو وصل كل ما في السيجارتين من السم إلى رئة المدخن بدون احتراق لمات على الفور( ).
وكل ما يقال حول مفعول السيجارة من حيث المزاج والتركيز وغيره هو محض خيال وكذب، ووهم وسراب، صدقه المدخنون، وروج له من يريد تبرير هذه العادة القبيحة من أكلة الأموال، والسحت الحرام.
عباد الله، إن الإسلام لا يتعارض مع أبجديات العقول، ولا يدل إلا إلى تزكية النفوس، وإبعادها عن مواطن العطب والتهلكة، ولمّا حرم علماء الشريعة التبغ حرموه من منطلق القائل الحكيم: ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ الأعراف: ١٥٧ وقد عَلِم علماء الشرع، وعلماء العلوم التجريبية، والعقلاء من الناس أن التبغ:
-يقتل نصف من يتعاطونه تقريبًا.
-وأن التبغ يحتوي على القطران الذي يسبب سرطان الرئة وضيق المجاري التنفسية.
-وأن التبغ يقلل من كفاءة كريات الدم الحمراء في نقل الأكسجين بسبب احتوائه على أول أكسيد الكربون؛ مما يؤدي إلى: تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.
انتفاخ الرئة والتهاب القصبات الهوائية.
الجلطة القلبية أو ما يعرف بـ (الذبحة الصدرية).
ضمور عصب الإبصار.
السكتة الدماغية.
تساقط الأسنان.
احتشاء القلب( ).
فاللهم حبب إلينا طيباتك، وباعدنا عن محرماتك، وأعن أهل البلاء على بلائهم،
ومكن لهم الصحة والعافية.
عاصم بن عبدالله بن محمد آل حمد